للإتصال بنا إضغط في هذه الوصلة

أجوبة الشيخ في منبر التوحيد

كتب الشيخ في المنبر

آخر التدوينات

المواضيع الأكثر قراءة

احصائيات المدونة

أحوال الطقس في مدينة عنابة

******************************** الجديد ***********************************



بسم الله الرحمن الرحيم

شيخنا الفاضل شاء الله لي أن اعيش في بلد يغلب على أهل التدين  بمذهب الإرجاء .

و بيني و بينهم مناظرات و مجادلات فأرهقوني بكثرة شبهاتهم ، فحاولت الإعراض عنهم ، كما أنّي بدأت في جمع ما كتبه السلف و الخلف في مسألة الإيمان متوكلا على الله .

و الأمر الّذي استوقفني كثيرا يا شيخنا الفاضل هو توافق قول الحافظ ابن حجر العسقلاني في مسألة أن الأعمال شرط كمال في الإيمان و ليس شرط صحة مع الشيخ الألباني و قد قال \"أي الحافظ ابن حجر \"  بأن هذا هو قول السلف و ممّا جاء في نصّ كلامه في كتابه فتح البارئ  ‏، (‏باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم -‏:‏ بني الإسلام على خمس‏)‏ :  ... والكلام هنا في مقامين‏:‏ أحدهما‏:‏ كونه قولا وعملا، والثاني‏:‏ كونه يزيد وينقص‏.‏

فأما القول‏:‏ فالمراد به النطق بالشهادتين، وأما العمل‏:‏ فالمراد به ما هو أعم من عمل القلب والجوارح، ليدخل الاعتقاد والعبادات‏.‏

ومراد من أدخل ذلك في تعريف الإيمان ومن نفاه إنما هو بالنظر إلى ما عند الله تعالى، فالسلف قالوا‏:‏ هو اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان‏.‏

وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط في كماله‏.‏  ومن هنا نشأ ثم القول بالزيادة والنقص كما سيأتي‏.‏

والمرجئة قالوا‏:‏ هو اعتقاد ونطق فقط‏.‏

والكرامية قالوا‏:‏ هو نطق فقط‏.‏

والمعتزلة قالوا‏:‏ هو العمل والنطق والاعتقاد‏.‏ والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطا في صحته‏.‏ والسلف جعلوها شرطا في كماله‏.‏

وهذا كله كما قلنا بالنظر إلى ما عند الله تعالى‏.‏ أما بالنظر إلى ما عندنا فالإيمان هو الإقرار فقط، فمن أقر أجريت عليه الأحكام في الدنيا، ولم يحكم عليه بكفر إلا إن اقترن به فعل يدل على كفره كالسجود للصنم، فإن كان الفعل لا يدل على الكفر كالفسق فمن أطلق عليه الإيمان فبالنظر إلى إقراره، ومن نفي عنه الإيمان فبالنظر إلى كماله، ومن أطلق عليه الكفر فبالنظر إلى أنه فعل فعل الكافر، ومن نفاه عنه فبالنظر إلى حقيقته‏.‏إنتهى

شيخنا الفاضل نريد شرحا مفصلا لهذه الجزئية فقط حتى لا يلتبس عليّ الأمر وجزاك الله خير الجزاء .

السائل: صالح لابه

المجيب: اللجنة الشرعية في المنبر


بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد الله أنّ العاقبة للمتقين و لا عدوان إلاّ على الظالمين
أمّا بعد : بداية أقول لأخي الحبيب إحرص على العلم النافع و العمل به ، و اعلم أنّ طلب العلم من الأمور الّتي يُتعبّد بها الربّ سبحانه ، و عليه فعليك أن تخلص هذا الأمر لله ربّ العالمين ، و لا يكون فيه حظّ لمخلوق ، و اعلم أنّ العلم ينفع صاحبه إذا تدرّج فيه ، فلا يكون طلبك للعلم من اجل أن تجادل أو تناقش فهذا أمر مذموم في ديننا ، أو أن يكون طلبك للعلم مجرّد ردّات أفعال لما يمليه المخالفون ، فهذا أيضا مذموم في ديننا ،فاطلب العلم يرعاك الله من أجل ان تعرف الحق و تعمل به و من ثمّ تصدع به و احرص على الإخلاص و الصدق مع الله و التدرج فيه .
ثانيا : إبتعد يرعاك الله عن مناقشة من أشرت إليهم أثناء تحصيلك للعلم ، فالاشتغال بهم و بمجادلتهم مضيعة للوقت و قسوة للقلب ، ثمّ هم في الغالب معروفون بردّهم الحقّ و غمصهم أهل الحق .
ثالثا : أمّا ما نقلته عن الحافظ إبن حجر رحمه الله تعالى فهذه زلّة منه إذ نسب إلى السلف ما لم يقولوا إلاّ إذا أراد بالسلف علماء الأشاعرة كما سيأتي ، و قد تبعه كما أشرت الشيخ الألباني رحمه الله تعالى .
رابعا : القول بأنّ الأعمال شرط كمال في الإيمان هو مذهب الأشاعرة
قال البيجوري في كتابه جوهرة التوحيد :
و فُسر الإيمان بالتصديق                     والنطق فيه الخلف بالتحقيق
  فقيل شرط كالعمل وقيل بل              شطر ، والإسلام اشرحن بالعمل 
قال اللقاني في كتابه إتحاف المريد شرح جوهرة التوحيد ، وهو يشرح الأبيات الماضية :
وقوله "كالعمل" تشبيه في مطلق الشرطية يعني أنّ المختار عند أهل السنة  ( يقصد بأهل السنة : الأشاعرة ) في الأعمال الصالحة أنّها شرط كمال للإيمان ، فالتارك لها أو لبعضها من غير إستحلال ولا عناد ولا شك في مشروعيتها مؤمن فوّت على نفسه الكمال ، والآتي ممتثلا محصل لأكمل الخصال .
قوله "وقيل" أي وقال قوم محققون كالإمام أبي حنيفة  وجماعة من الأشاعرة ليس الإقرار شرطا خارجا عن حقيقة الإيمان ، بل هو شطر أي جزء منها ، وركن داخل فيها دون سائر الأعمال الصالحة ،فالإيمان عندهم إسم لعملي القلب واللسان جميعا وهما الإقرار والتصديق الجازم الذي ليس معه إحتمال ، وعلى هذا فمن صدق بقلبه ولم يتفق له الإقرار في عمره ولا مرّة مع القدرة على ذلك لا يكون مؤمنا ....
فعلم من النظم قولان : أحدهما : أنّ الإيمان هو التصديق ، والنطق شرط لإجراء الأحكام الدنيوية على صاحبه
والثاني أنّ الإيمان هو التصديق والنطق ، فالنطق شطر
وعلى هذين القولين العمل غير النطق هو شرط كمال ، ومقابله يجعل مجموع العمل الصالح والنطق هو الإيمان ....
وقوله : "والإسلام شرحن بالعمل" أي والإسلام شرحن حقيقته بالعمل الصالح أعني إمتثال المأمورات وإجتناب المنهيات ، والمراد الإذعان لتلك الأحكام وعدم ردها سواء عملها أو لم يعملها  . إنتهى .
خامسا : أمّا مذهب السلف هو انّ الأعمال ركن في مسمّى الإيمان ، قال الشافعي في كتاب الأمّ باب النيّة : و كان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم أنّ الإيمان قول وعمل ونيّة لا يجزئ واحد من الثلاثة إلاّ بالآخر.إنتهى
قال  الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه جامع بيان العلوم و الحكم: المشهور عن السلف و أهل الحديث أنّ الإيمان قول وعمل ونيّة ، وأنّ الأعمال كلّها داخلة في مسمّى الإيمان .إنتهى
سادسا : ما يجب أن يُعلم أنّ الإيمان حقيقة مركبة من القول و العمل ، قول القلب و اللسان و عمل القلب و الجوارح ، فهما أي القول و العمل شطرين متمازجين متساويين في ضرورة الوجود وقوّة الإشتراط ، فكما أنّه لا يصح وجود عمل لا قول معه قط ، لا يصح كذلك وجود قول لا عمل معه قط ؛ ولذا قال  شيخ الإسلام في كتابه  شرح العمدة كتاب الصلاة : فإنّ حقيقة الدّين هو الطاعة والإنقياد وذلك إنّما يتم بالفعل لا بالقول فقط فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا ؛ ومن لا دين له فهو كافر .إنتهى .
هذا من حيث جنس الأعمال ، أمّا من حيث آحاد الأعمال فهي على ثلاثة مراتب ، من الأعمال ما هو من أصل الإيمان تاركها يكفر ، و من الأعمال ما هو من الكمال الواجب ، و من الأعمال ما هو من الكمال المستحب .
و هذا هو الفرق الحقيقي بين مذهب السلف  و من خالفه من مذهب الخوارج و المعتزلة حيث جعلوا أي هؤلاء المخالفين آحاد الأعمال كلّها على مرتبة واحدة  ، إضافة إلى جعلهم الإيمان شيء واحد فكانت نتيجة مذهبهم إذا زال جزء من الإيمان زال كلّه . 
أكتفي بهذه الإجابات ، و أقول للأخ الحبيب أنّ هذه المسائل سيجدها إن شاء الله مفصّلة في كتابي رسالة الإيمان و الكفر والذي سينشر قريبا عبر منبر التوحيد و الجهاد  إن شاء الله . 
أجابه، عضو اللجنة الشرعية :
الشيخ أبو حفص سفيان الجزائري


إضغط هنا لوصول سريع للموضوع

كتب الشيخ المطبوعة



القرآن الكريم

القائمة البريدية

ضع بريدك الالكتروني:

مدعوم من فييد برنر

ترجمة المدونة إلى عدت لغات