للإتصال بنا إضغط في هذه الوصلة

أجوبة الشيخ في منبر التوحيد

كتب الشيخ في المنبر

آخر التدوينات

المواضيع الأكثر قراءة

احصائيات المدونة

أحوال الطقس في مدينة عنابة

******************************** الجديد ***********************************




السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

حياكم الله شيخنا  ،أسأل الله العظيم أن تكونوا في تمام الصحة والعافية .                     
سؤالي شيخنا عن الحكم بالنفاق على المعين .

وخاصة أولئك العلماء الذين دافعوا عن الطواغيت وارتموا في

أحضانهم وخذلوا عن نصرة الإسلام بالمال والنفس ، ورموا المجاهدين وأنصارهم بكل أنواع السفه والشطط ، ورموا 
علماء الحق بأنهم خوارج وغيره مما يعرفه فضيلتك .
 

السائل:
الزبير المصري

المجيب: اللجنة الشرعية في المنبر

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله أنّ العاقبة للمتّقين و لا عدوان إلاّ على الظّالمين .
و بعد :
روى البخاريّ و مسلم في صحيحيهما أنّ عتبان بن مالك أتى النبيّ عليه الصّلاة و السّلام ، فقال : يا رسول الله قد أنكرتُ بصري ، و أنا أصلّي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الّذي بيني و بينهم ، و لم أستطع أن آتي مسجدهم فأُصلّي بهم ، وددتُ يا رسول الله أنّك تأتني فتصلّي في بيتي فأتّخذه مصلّى . قال له رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : سأفعل إن شاء الله . قال عتبان : فغدا رسول الله عليه الصّلاة و السّلام و أبو بكر حين إرتفع النّهار ، فأستأذن رسول الله عليه الصّلاة و السّلام فأذنتُ له ، فلم يجلس حتّى دخل البيت ثمّ قال : أين تحبّ أن أصلّي في بيتك ؟ . قال : فأشرتُ إليه إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله عليه الصّلاة و السّلام فكبّر ، فقمنا فصففنا فصلّى ركعتين ثمّ سلّم ، قال – أي عتبان - : فحبسناه على خريزة صنعناها له ، قال : فثاب في البيت رجال من أهل الدّار ذوو عدد فاجتمعوا ، فقال قائل منهم : أين مالك بن الدّخيشن – أو إبن الدّخشن - ؟ . فقال بعضهم : ذاك منافق لا يحبّ الله و رسوله . فقال رسول الله عليه الصّلاة و السّلام : لا تقل ذلك ، ألا تراه قد قال لا إله إلاّ الله يريد بذلك وجه الله ؟ . قال : الله و رسوله أعلم ، قال : فإنّا نرى وجهه و نصيحته إلى المنافقين . قال رسول الله عليه الصّلاة و السّلام : فإنّ الله حرّم على النّار من قال لا إله إلاّ الله يبتغي بذلك وجه الله .
الشاهد من القصّة لعلّها عُلمت ، و هو لمّا إفتُقد مالك بن الدّخشن قال بعضهم في مجلس رسول الله عليه الصّلاة و السّلام بأنّه منافق ، و العلّة في رمي بعضهم مالك بن الدّخشن بالنفاق هو لما رأوه من مجالسته لمن عُلم نفاقه و عداؤه لله و لرسوله عليه الصّلاة و السّلام ، و امّا النبيّ عليه الصّلاة و السّلام لم يعترض على  الّذي رمى بالنفاق إلاّ لمّا عيّن إبن الدّخشن ، و لم ينكر عليه مطلق التعيين بالنفاق إذا توفّرت دواعيه ، أمّا مالك بن الدّخشن فهو من الأنصار و هو ممّن شهد بدرا و ما بعدها من الغزوات مع رسول الله عليه الصّلاة و السّلام ، فشهوده الغزوات و لا سيما غزوة بدر مانعة من رميه بالنفاق رضي الله عنه و الظاهر عنوان الباطن كما هو مقرّر عندنا ، فكيف بإمرئ ليس له ما لمالك بن الدّخشن إلاّ إرتكابه ما يوجب رميه بالنفاق ؟
الحديث يدلّ على مشروعية رمي المعيّن بالنفاق إذا أتى ما يوجب ذلك بعد توفر شروط و إنتفاء الموانع ، و ليس بناءا على الظنّ أو الوهم ، فهم علّلوا رميهم له بالنفاق و اتوا بأمر ظاهر معلوم عندهم ، و هذا مصداقا لقوله الله تعالى : " وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً " .
/ ثانيا : تعيين أحد بالنفاق هو حكم شرعي يجب على القائل به أن يتقي الله بأن يرمي إنسان بريء ممّا إتُّهم به ، فلا يجوز فتح باب كما فُتح من قبلُ من ناس لا خلاق لهم بأن رموا كلّ من خالفهم بالبدعة بحجة الجرح و التعديل ، فما رأينا منهم إلاّ جرح و تنكيل و ليس ثمّة أبدا تعديل إلاّ من خضع لمنهجهم و رضخ لمشايخهم ، فكلّ إمريء هو رهين بما يقول و يفعل يوم يوقف بين يدي الله العظيم ، فيُحاسب الإنسان نفسه و يتقي ربّه و يتثبّت من كلّ أمر قبل أن يرمي أحد بالنفاق أو البدعة أو الكفر ، و الله المستعان .
/ ثالثا : أدلّة كثيرة بيّنت فضل العلم و مكانة العلماء ، و يكفي للعلماء شرفا أنّ الله أشهدهم على وحدانيته و قرنهم مع نفسه و ملائكته ، و يكفيهم شرفا أنّهم ورثة الأنبياء عليهم الصّلاة و السّلام ، لكن ما يجب ان يُعلم أنّ العالم لم يُفضل على سائر الخلق بعد الأنبياء لمجرد محفوظاته أو شهادته الأكاديمية أو شهرته ، بل نال هذا الفضل لقيامه بأمر الله تعالى دعوة و مناصحة و صدعا بالحقّ ، و أمرا بالمعروف و نهيا عن المنكر ، و جهاد في سبيل الله ، العالم يجب أن يكون في مقدّمة قافلة أهل الحق و لا سيما في الجهاد في سبيل الله، أمّا إذا تخلّ العالم عن دوره المنوط به شرعا ، فقد تخلّى عن وصفه بعالم ، فعلماء السلف إعتبروا الدخول مجرّد الدخول إلى الحكام في مجالسهم تُهمة ، فكيف بمن يبذل لهم الثناء و يحرّضهم على إخوانه المسلمين لمجرّد أنّهم خالفوه الرأي ، أو عارضوا الحاكم لإقترافه الموبقات ، هذا لم يُعرف إلاّ من عادى الحق و أهله ،  قال  العلامة بدر الدّين بن جماعة الكناني في كتابه تذكرة السامع و المتكلّم : و إعلم أنّ جميع ما ذكر من فضيلة العلم و العلماء إنّما هو في حق العلماء العاملين الأبرار المتّقين الّذين قصدوا به وجه الله الكريم و الزلفى لديه في جنّات النعيم لا من طلبه بسوء نيّة ، أو خبث طويّة ، أو لأغراض دنيوية من جاه أو مال أو مكاثرة الأتباع . إنتهى
فالّذي شرّف العلماء كما أشرتُ آنفا هو الّذي قال : " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيم " .
فالدارس للقرآن و السنة عليه أن يأخذ المصدر الشرعي أنّه كلّه من عند الله ، لا أن يتشبث فقط بالنصوص الّتي تدلّ على عظم مكانة العلماء و يهمل النصوص الّتي تحدد علماء الحق عن علماء السوء ، فالعلماء ليسوا كلّهم على رتبة واحدة بنص القرآن و السنّة و عمل سلف الأمّة .
فللعلماء دور منوط بهم خاصّة في هذا الزمان بأن يقفوا مع أمّتهم ، مع مشاكلها و همومها ، كثير من بلدان العالم الإسلامي محتلّة من طرف الكفار الأصليين فأين العلماء ؟ ، قتل و تشريد و إنتهاك للأعراض يُمارس في كثير من البلدان الإسلامية فأين دور العلماء ؟ ، نشر الرذيلة و المجون و المنكرات في كثير من بلدان العالم الإسلامي ، فأين دور العلماء ؟ ، نساء رمّلت و اطفال يُتّموا و شعب شرّد في كثير من بلدان العالم الإسلامي على  أيدي المحتلّين ، فأين دور العلماء ؟ ، شريعة الإسلام معطّلة بل و محاربة من طرف حكام البلدان الإسلامية ، فأين دور العلماء ؟ ، دعاة في مختلف السجون ، و دعاة الإباحية و المجون في مناصب رفيعة ، فأين دور العلماء ؟ ، حرّية للنصارى و لليهود في عالمنا الإسلامي و مضايقات على دعاة الحق ، فأين دور العلماء ؟ ، و هذا مسجد الأقصى تُنتهك حرماته ، و الشعب الفلسطيني محاصر ، فأين دور العلماء ؟ ....
أقول : لم نعرف من كثير من هؤلاء العلماء إلاّ ما يتعلّق بحكامهم مدحا و إطراء و دفاعا عنهم ، و التنكيل و التحريض على كلّ من أراد منازعة هؤلاء الحكام في حكمهم ، فصار دور كثير من هؤلاء العلماء هو دور المحامي على المجرم ، و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله ، قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " .
فعلى العلماء أن يتقّوا الله و يعودوا إلى رشدهم ، و يأخذوا مكانتهم اللائقة بهم .
/ رابعا : أنصح الإخوة الأحباب على طلب العلم و عدم الإنشغال و لا أقول عدم الإهتمام برمي الغير بأيّ تُهمة فهذا مضيعة للأوقات ، إهتمّوا بالعلم لعلّكم تسدّون الثغرة الّتي خلّفها من نخالفهم من هؤلاء العلماء ، أصدقوا الله في الطلب و أخلصوا له سائر أعمالكم ، و أبذلوا علمكم سواء قلّّ أم كثُر لنصرة الحق و أهل الحق لا سيما الواقفين في ثغور الأمّة المدافعين عن عرضها و عن أراضيها بل و عن دينها .
و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله . 
/ 08 / 10 /2009
أجابه، عضو اللجنة الشرعية :
الشيخ أبو حفص سفيان الجزائري


إضغط هنا لوصول سريع للموضوع

كتب الشيخ المطبوعة



القرآن الكريم

القائمة البريدية

ضع بريدك الالكتروني:

مدعوم من فييد برنر

ترجمة المدونة إلى عدت لغات